|
باب وجوب صوم رمضان 161- عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الصَّلاَةِ؟ فَقَالَ: الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا. فَقَالَ: أَخْبِرْنِى بمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الصِّيَامِ؟ فَقَالَ: شَهْرَ رَمَضَانَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا. فَقَالَ: أَخْبِرْنِى بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الزَّكَاةِ؟ قَالَ: فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بشَرَائِعِ الإِسْلاَمِ. قَالَ: وَالَّذِى أَكْرَمَكَ بالحَقِّ لاَ أَتَطَوَّعُ شَيْئًا وَلاَ أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ شَيْئًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ- أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ. طلحة بن عبيد الله: أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح. ثائر الرأس، أي منتفش الشعر. أفلح إن صدق، أي يكفيه ذلك ليفلح، فإذا تطوع زاد فلاحه وظفره. باب فضل الصوم
162-عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم قَالَ: الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ
امْرُؤٌ قَاتَلَهُ جُنة، أي وقاية وسترة من المعاصي، أو من النار. لا يرفث، أي لايفحش في الكلام. وفاؤه مثلثة. لا يجهل، أي لا يفعل فعل الجاهل، مقابل الحليم، أي لايطيع غضبه وحميته. الخلوف، بالضم: تغير الرائحة. وضبطه بعضهم بفتح الخاء، وهو خطأ. "الصيام لي": تشريف للصيام وبيان لعلو مكانته، أو هو عمل خفي ليس كسائر الأعمال التي يطلع عليها الخالق. باب من صام رمضان إيماناً واحتساباً 163-عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. إيماناً واحتساباً: قال الخطابي: هو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه، طيبة نفسه به، غير مستثقل لصيامه، ولا مستطيل لأيامه. باب أجود ما كان النبي صلى الله عليه وسلم 164- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِى رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. ينسلخ، أي ينقضي. سلخ الشهر، أي أمضاه. الريح المرسلة، أي المطلقة، أو التي يرسلها الله لإنزال الغيث. باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم 165- عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِى أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ. الحديث حث على اجتناب تلك المعاصي لا سيما في الصوم، وكان القصد بالصوم في الأصل الامتناع عن كل ما يخدش الدين، ولكن لما كان ذلك يشق، خففه الله، وأمر بالإمساك عن المفطرات، ونبه العاقل بعد ذلك على الإمساك عن سائر المخالفات. باب الصوم لمن خاف على نفسه العُزبة 166- عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِى مَعَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه – فَقَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ. وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ. العزبة والعزوبة: عدم الزواج. والمراد ما ينشأ عنها من إرادة الوقوع في العنت. علقمة: ابن قيس النخعي. عبد الله: ابن مسعود. الباءة، أي الجماع، والمراد القدرة على مؤن النكاح. أغض للبصر، أي أدعى إلى غض البصر وكفه عن التطلع. وجاء أي قاطع لشهوة الصائم. وأصل الوجء رض الخصيتين، أي دقهما، وذا قاطع للشهوة. قال الحافظ: واستشكل بأن الصوم يزيد في تهييج الحرارة وذلك مما يثير الشهوة وقال: لكن ذلك إنما يقع في المبدأ الأمر فإذا تمادى عليه واعتاد سكن. باب إذا رأيتم الهلال 167-عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ . "حتى تروا الهلال": وذلك إذا لم يكمل شعبان ثلاثين يوماً. ويكفي في شهادة الرؤية عدل واحد، وقيل لا يكتفي فيها إلا بعدلين. "فإن غم عليكم..."، أي فإن حال بينكم وبين الهلال غيم أو نحوه فاقدروا له تمام العدد ثلاثين يوماً. وقيل: قدروا له بحساب منازل القمر. 168- عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غَبِىَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ. غبي عليكم، أي خفى عليكم ولم تروه. ويروي: "غبى" بالبناء للمفعول وتشديد الباء، و "أغمى" بالبناء للمفعول، و "غم" كذلك. 169- عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا ، فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا غَدَا أَوْ رَاحَ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ شَهْرًا؟ فَقَالَ: إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا. أم سلمة: أم المؤمنين. آلي من نسائه شهرا، أي حلف لا يدخل عليهن شهراً. وهذا الإيلاء غير الإيلاء الشرعي الذي تذكره كتب الفقه. غدا: ذهب في أول النهار، أو راح: في آخره. والشك من الراوي. 170- عَنْ أَنَسٍ -رضى الله عنه – قَالَ: آلَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نِسَائِهِ - وَكَانَتِ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ - فَأَقَامَ فِى مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتَ شَهْرًا؟ فَقَالَ: إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ. مشربة: بضم الراء وفتحها، وهي الغرفة. باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لانكتب ولا نحسب 171- عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ. الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا. يَعْنِى مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلاَثِينَ. أمية، قال الكرماني: "أي باقون على الحال التي ولدتنا عليها الأمهات من عدم القراءة والكتابة، أو هو نسبة إلى الأم وصفتها، لأن هذه صفة النساء غالباً، وقيل إنها منسوبة إلى أمة العرب لأنهم ليسوا أهل الكتابة". قال الحافظ: "وقوله لا نكتب ولا نحسب تفسير لكونهم كذلك. وقيل للعرب أميون لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة، قال الله تعالى: هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم. ولايرد على ذلك أنه كان فيهم من يكتب ويحسب لأن الكتابة فيهم قليلة نادرة. والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وسيرها، ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضاً إلا النزر اليسير". باب قول الله تعالى: (وكلوا واشربوا) 172- عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضى الله عنه – قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ ( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ ) عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِى، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِى اللَّيْلِ، فَلاَ يَسْتَبِينُ لِى، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ. الآية هي الآية 181 من البقرة. عمدت: قصدت. العقال: حبل يعقل به البعير، تثني به يده إلى ركبتيه فتشد به. قلت: وإطلاقه على ما يشد به غطاء الرأس مجاز حديث، لم تعرفه العرب. 173- عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أُنْزِلَتْ ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ ) وَلَمْ يَنْزِلْ: (مِنَ الْفَجْرِ)، فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِى رِجْلِيْهِ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ، وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ ( مِنَ الْفَجْرِ ) فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِى اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. "في رجليه"، ويروى: "في رجله" بالإفراد. باب قدرُ كَم بين السحور وصلاة الفجر 174- عَنْ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ- رضى الله عنه – قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ. قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً. الحديث رواية صحابي عن صحابي. وأنس هو ابن مالك. قدر خمسين آية، أي قدر قراءتها: وفيه إشارة إلى أن أوقاتهم كانت مستغرقة بالعبادة، لأن العرب إنما كانوا يقدرون الأوقات بالأعمال البدنية، كقولهم: قدر حلب شاة، وقدر نحر جزور. وفيه أيضاً دلالة على تأخير السحور. باب بركة السحور 175- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وَاصَلَ فَوَاصَلَ النَّاسُ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَنَهَاهُمْ. قَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ: لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّى أَظَلُّ أُطْعَمُ وَأُسْقَى. عبد الله: هو ابن عمر رضي الله عنه. واصل، أي بين الصومين من غير إفطار بالليل. أطعم وأسقى: لا على صورة طعامكم وشرابكم، لأن الله يفيض عليه ما يسد مسد طعامه وشرابه، من حيث أنه يشغله عن إحساس الجوع والعطش، ويقويه على الطاعة. وقيل المعنى على ظاهره بأن يرزقه طعاماً وشراباً من الجنة. وهو تأويل ضعيف. 176- عَنْ أَنَسِ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه – قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِى السَّحُورِ بَرَكَةً. تسحروا: من اشتقاقه اللغوي يفهم أن وقته قبيل الفجر، لأن السَّحَرَ ما كان قبيل الصبح. ومن ثم خصه بعضهم بالسدس الأخير من الليل. السحور، بالفتح: اسم لما يتسحر به. وبالضم المصدر والفعل نفسه. وفي اللسان: "وأكثر ما روى بالفتح. وقيل الصواب بالضم، لأنه بالفتح: الطعام والبركة والأجر؛ والثواب في الفعل لا في الطعام". باب الصائم يصبح جُنباً 177- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ. وهو جنب من أهله، أي من جماع أهله. ويصوم، أي يتم الصوم. وفيه جواز الصوم للجنب مطلقاً، و قول الجمهور والأئمة الأربعة، وخالف بعضهم بين المنع والتقييد. باب القُبلة للصائم 178- عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها – قَالَتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ. ثُمَّ ضَحِكَتْ. ضحكت: تنبيها على أنها صاحبة القصة. أو ضحكت تعجباً ممن خالف في هذا، أو لما أدركها من الحياء إثر قولها. باب إذا أكل أو شرب ناسياً 179- عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا نَسِىَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ. أكل وشرب: قليلا أو كثيراً كما رجحه النووي؛ لظاهر إطلاق الحديث. باب سِواك الرطب واليابس للصائم 180-عن عامر بن رَبيعَةَ قال: رَأَيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتاكُ وهُوَ صائِمٌ مالا أُحْصِي- أوْ أَعُدُّ. باب إذا جامع في رمضان 181- عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها – تَقُولُ: إِنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِنَّهُ احْتَرَقَ. قَالَ مَالَكَ؟ قَالَ: أَصَبْتُ أَهْلِى فِى رَمَضَانَ. فَأُتِىَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِمِكْتَلٍ، يُدْعَى الْعَرَقَ، فَقَالَ: أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ؟ قَالَ: أَنَا. قَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا. احترق: عبر بذلك لاعتقاده أن مرتكب الإثم يعذب بالنار. وهو كناية عن أنه ارتكب معصية. مكتل: بكسر الميم، وهو شبه الزنبيل يسع خمسة عشر صاعاً (حوالي خمسين لترا). العرق: زنبيل منسوج من نسائج الخوص. تصدق: على ستين مسكيناً، كما في بعض روايات الحديث لكل مسكين مد، وهو ربع صاع. 182- عَنْ أَبَى هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ مَا لَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِى وَأَنَا صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ لاَ. قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِىَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ – قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ؟ فَقَالَ: أَنَا. قَالَ: خُذْ هَذا فَتَصَدَّقْ بِهِ. فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا - يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ - أَهْلُ بَيْتٍ! أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِى ، فَضَحِكَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ. الحرتان: انظر ما سبق في الحديث رقم 155. فضحك النبي: تعجباً من حاله، جاء خائفاً على نفسه راغباً في فدائها، فلما مكن بما أعطيه من الكفارة مد عينه إليها. وقد كان العرق من مال الصدقة، فأمره الرسول الكريم أن يتصدق به على أهله زكاة لا كفارة. لكن قال الخطابي: إنه كان رخصة له خاصة، أو منسوخ. وقال الكرماني: وقد استنبط العلماء من هذا الحديث ألف مسألة. باب الصوم في السفر والإفطار 183- عَنْ عَبْدِ الله بْنَ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنه – قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى سَفَرٍ فَقَال َلِرَجُلٍ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِى. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الشَّمْسُ. قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِى. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الشَّمْسُ. قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِى. فَنَزَلَ، فَجَدَحَ لَهُ فَشَرِبَ، ثُمَّ رَمَى بِيَدِهِ هَا هُنَا، ثُمَّ قَالَ: إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ. كنا مع رسول الله: وهو صائم في رمضان. فقال لرجل: هو بلال، كما في رواية أبي داود. الجدح: الخلط، والمراد خلط السويق (طعام من مدقوق الحنطة والشعير) بالماء، أو اللبن بالماء، وذلك لكي يفطر عليه. وقول بلال: "الشمس"، أي الشمس باقية؛ أو هذه الشمس، يعني نورها؛ أو انظر الشمس فإن نورها باق. ظن أن بقاء النور مانع من الإفطار، وإنما العبرة بمغيب قرصها. رمي بيده ههنا، أي جهة المشرق التي تقبل منها الظلمة عند سقوط القرص في المغرب. فقد أفطر الصائم: أي دخل وقت إفطاره. 184- عَنْ عَائِشَةَ- رضى الله عنها - أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِىَّ قَال َلِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: أَأَصُومُ فِى السَّفَرِ؟ – وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ – فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ. 185- عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ - رضى الله عنه- قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِى يَوْمٍ حَارٍّ، حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَابْنِ رَوَاحَةَ. ابن رواحة: هو عبد الله بن رواحة. وهذا تسجيل لإباحة الصوم والإفطار في السفر. ليس البر الصيام في السفر 186-عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلاً قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: صَائِمٌ. فَقَالَ: لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِى السَّفَرِ. في السفر: في غزوة الفتح. ليس من البر...: ليس من الطاعة والعبادة صوم المسافر إذا بلغ به الجهد هذا المبلغ. وقد تمسك بعض الظاهرية بظاهر لفظ الحديث فذهب إلى أن الصوم في السفر لا ينعقد. القسطلاني: "وأما رواية ليس من امبر امصيام في امسفر، بإبدال اللام ميماً في لغة أهل اليمن، فهي في مسند الإمام أحمد لا في البخاري". باب من أفطر في السفر ليراه الناس
187-عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما – قَالَ:
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ
فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَرَفَعَهُ إِلَى يَدِهِ
لِيَرَاهُ النَّاسُ، فَأَفْطَرَ
حَتَّى
قَدِمَ
مَكَّةَ، وَذَلِكَ فِى رَمَضَانَ. رفعه إلى يده، أي إلى غاية طول يده. وروى: "يديه". وكان الصوم قد شق على المسلمين في ذلك السفر، وهو الخروج إلى مكة للفتح، وهم ينظرون ما رسول الله فاعل ليقتدوا به. باب الحائض تترك الصوم والصلاة 188- عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه – قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟ فَذَلِكَ من نُقْصَانِ دِينِهَا. باب من مات وعليه صوم 189- عَنْ عَائِشَةَ- رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ . وليه: هو قريبه، وقيل وارثه، وقيل عصبته (بنوه وقرابته). 190- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّى مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى . باب متى يحلُّ فطر الصائم 191- عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ. هاهنا الأولى، أي جهة المشرق. والثانية، أي جهة المغرب. أفطر الصائم، أي دخل وقت إفطاره. باب تعجيل الإفطار 192- عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ. عجلوا الفطر: وذلك بعد تحقق الغروب بالرؤية، أو بإخبار عدل، أو عدلين. قال القسطلاني: "وأما ما يفعله الفلكيون أو بعضهم من التمكين بعد الغروب بدرجة فمخالف للسنة". باب صوم الصبيان 193- عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ: مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيَصُمْ. قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ، حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ. الربيع بنت معوذ: من المبايعات تحت الشجرة. من أصبح صائما فليصم، أي فليستمر على صومه. نُصوِّم صبياننا: تمريناً لهم على الطاعات. العهن: الصوف المصبوغ. باب الوصال 194- عَنْ أَبِى سَعِيدٍ رضى الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لاَ تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ. قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ إِنِّى لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ؛ إِنِّى أَبِيتُ لِى مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِى وَسَاقٍ يَسْقِينِ. أبو سعيد: الخدري. وانظر الحديث 175. باب التنكيل لمن أكثر الوصال 195- عَنِ أَبَى هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوِصَالِ فِى الصَّوْمِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَأَيُّكُمْ مِثْلِى؟ إِنِّى أَبِيتُ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِ. فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلاَلَ. فَقَالَ: "لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ"، كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا. يوماً ثم يوما، أي يومين. رأو الهلال، أي هلال شوال. لزدتكم، أي لزدتكم في الوصال إلى أن تعجزواعنه فتسألوا التخفيف بالترك. قال الكرماني: فإن قلت: كيف جوز رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم الوصال؟ قلت: احتمل للمصلحة تأكيدا لزجرهم، وبياناً للمفسدة المترتبة على الوصال، وهي الملل من العبادة، والتعرض للتقصير في سائر الوظائف. باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه قضاء إذا كان وافق له 196- عَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ: آخَى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِى الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً. فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِى الدُّنْيَا. فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ. قَالَ: فَإِنِّى صَائِمٌ. قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ. قَالَ: فَأَكَلَ. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ. قَالَ: نَمْ. فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ، فَقَالَ: نَمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ: قُمِ الآنَ. فَصَلَّيَا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "صَدَقَ سَلْمَانُ". أبو جحيفة: هو وهب بن عبد الله السوائي. متبذلة، أي لابسة ثياب البذلة، وتاركة للباس الزينة. ليس له حاجة في الدنيا، أي وإنما به تفرغ لعمل الآخرة، يصوم النهار ويقوم الليل. جعلت هذا علة لتبذلها في ثيابها؛ لأن زوجها لا يكاد يفرغ لها. ذهب يقوم، أي يصلي. قال: نم، أي سلمان لأبي الدرداء. فصليا، أي بعد الوضوء. أتى النبي فذكر ذلك له، أي أبو الدرداء. باب صوم شعبان 197- عَنْ عَائِشَةَ -رضى الله عنها – قَالَتْ: لَمْ يَكُنِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ يَقُولُ: "خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا". وَأَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّتْ. وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلاَةً دَاوَمَ عَلَيْهَا. كان يصوم شعبان: كله في وقت، وبعضه في وقت آخر. لايمل حتى تملوا: هو ما يسمى بالمشاكلة، والمعنى لا يقطع عنكم ثوابه وفضل رحمته. باب ما يذكر من صوم النبي صلى الله عليه وسلم وإفطاره 198- عَنْ حُمَيْدٌ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا رضى الله عنه عَنْ صِيَامِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَرَاهُ مِنَ الشَّهْرِ صَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ وَلاَ مُفْطِرًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ، وَلاَ مِنَ اللَّيْلِ قَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ، وَلاَ نَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ، وَلاَ مَسِسْتُ خَزَّةً وَلاَ حَرِيرَةً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلاَ شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلاَ عَبِيرَةً أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. حميد: هو حميد الطويل. خزة، أي قطعة من الخز، وهو وبر دابة. عبيرة: في رواية ابن عساكر "عنبرة". باب حق الجسم في الصوم 199- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ- رضى الله عنهما – قال:قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَلاَ تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِر، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنَيْكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ. فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَىَّ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ: فَصُمْ صِيَامَ نَبِىِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَلاَ تَزِدْ عَلَيْهِ. قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِىِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ؟ قَالَ: نِصْفَ الدَّهْرِ. فَكانَ عَبْدُ اللهِ يَقولُ بَعْدَ ما كَبِرَ: يالَيْتَني قَبِلْتُ رُخْصَةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الزور؛ بالفتح: الزائر، وهو الضيف. وحقه البسط، والمؤانسة، والمؤاكلة ونحوها. بحسبك:أي كافيك. صوم نصف الدهر: كان يصوم يوماً ويفطر يوماً. باب صيام البِيض ثلاث عشرة وأَربع عشرة وخمس عشرة 200- عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: أَوْصَانِى خَلِيلِى صلى الله عليه وسلم بِثَلاَثٍ: صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَىِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ. البيض: هي التي لياليهن مقمرات لا ظلمة فيها: ليلة البدر وما قبلها وما بعدها. وأن أوتر، أي وبصلاة الوتر. باب من زار قوماً فلم يفطر عندهم 201- عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه: دَخَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ. قَالَ: أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِى سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِى وِعَائِهِ، فَإِنِّى صَائِمٌ. ثُمَّ قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ، فَصَلَّى غَيْرَ الْمَكْتُوبَةِ، فَدَعَا لأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِى خُوَيْصَةً. قَالَ: مَا هِىَ؟ قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ. فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا إِلاَّ دَعَا لِى بِهِ. قَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالاً وَوَلَدًا، وَبَارِكْ لَهُ. فَإِنِّى لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصَارِ مَالاً . وَحَدَّثَتْنِى ابْنَتِى أُمَيْنَةُ أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِى مَقْدَمَ حَجَّاجٍ الْبَصْرَةَ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ. أم سليم: والدة أنس. السقاء: أصله ظرف الماء من الجلد، وربما جعل فيه السمن والعسل واللبن. خويْصَّة: مصغر خاصة، وهو مما اغتفر فيه التقاء الساكنين. ومثله دويْبَّة تصغير دابة. وأرادت بالخاصة ما كان من خدمة ولدها للرسول صلى الله عليه وسلم. أمَينة: بضم الهمزة وفتح الميم وسكون الياء، وحدثتني ابنتي: هو من شواهد رواية الآباء عن الأبناء. لصلبه، أي من أولاده لصلبه غير أسباطه وأحفاده. مقدم حجاج...: أي وقت قدوم الحجاج بن يوسف. ولأبي ذر: "مقدم الحجاج". وأل في نحو الحسن والحسين والحجاج جائزة الحذف. باب صوم يوم الجمعة 202- عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه – قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لاَيَصُومُ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِلاَّ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ. لا يصوم أحدكم: هذه رواية الأكثر. وللكشميهنى: "لا يصومن". وللفقهاء في صوم يوم الجمعة خلاف طويل. وفي المستدرك من حديث أبي هريرة مرفوعاً: "يوم الجمعة يوم عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم إلا أن تصوموا قبله أو بعده". يوما قبله أو بعده، أي الخميس أو السبت. باب صوم يوم عرفة 203- عَنْ مَيْمُونَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّاسَ شَكُّوا فِى صِيَامِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَرَفَةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِحِلاَبٍ وَهْوَ وَاقِفٌ فِى الْمَوْقِفِ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ. حلاب: بوزن كتاب، هو الإناء يحلب فيه اللبن، أو هو اللبن المحلوب. وفي هذا الحديث لطف الحيلة للاطلاع على الحكم بغير سؤال. باب صوم يوم الفطر 204- عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه – فَقَالَ: هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالْيَوْمُ الآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ. أبو عبيد: اسمه سعد. ابن أزهر: هو عبد الرحمن بن الأزهر بن عوف. تأكلون من نسككم: أي من أضحيتكم، وهو يوم الأضحى. باب صوم يوم عشوراء 205- عَنْ عَائِشَةَ- رضى الله عنها – قَالَتْ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُول ُاللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ في الجاهِلِيَّة، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ. عاشوراء: العاشر من محرم. ووجه تخصيص ذلك اليوم في قول بعضهم كما ذكره العيني، أن الله أكرم فيه عشرة من الأنبياء: موسى بفلق البحر وإغراق فرعون، ونوح بنجاته في السفينة، ويوسف بخروجه من الجب، وعيسى بولادته ورفعه، وداود بالتوبة عليه، وإبراهيم بولادته فيه، ويعقوب برد بصره، ومحمد صلى الله عليه وسلم بغفران ما تقدم من ذنبه وما تأخر. صوم قريش عاشوراء في الجاهلية: يحتمل أنهم اقتدوا في صيامه بشرع سالف، ولذا كانوا يعظمونه بكسوة البيت الحرام فيه. وكان أول صيامه صلى الله عليه وسلم عاشوراء في المدينة: في أول السنة الثانية، لأن قدومه إلى المدينة كان في ربيع الأول. فلما فرض رمضان، أي صيام رمضان. وذلك في شعبان من السنة الثانية، فكأن الأمر بصوم عاشوراء كان في سنة واحدة. 206-عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما – قَالَ: قَدِمَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِى إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ. فَصَامَهُ. باب فضل من قام رمضان 207- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِىِّ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - لَيْلَةً فِى رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّى الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّى الرَّجُلُ فَيُصَلِّى بِصَلاَتِهِ الرَّهْطُ. فَقَال َعُمَرُ: إِنِّى أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاَءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ. ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ. ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِى يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِى يَقُومُونَ - يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ- وَكَانَ النَّاسُ ُيَقُومُونَ أَوَّلَهُ . الأوزاع: الجماعات، لا واحد له من لفظه. الرهط: ما دون العشرة من الرجال. أمثل، أي أفضل. البدعة: الأمر المستحدث. وإنما سماه بدعة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسن لهم الاجتماع لها، ولا كانت في زمن الصديق، ولا أول الليل، ولا كل ليلة، ولا هذا العدد. والذي عليه الجمهور أنها عشرون ركعة بعشر تسليمات، وأنها خمس ترويحات، كل ترويحة أربع ركعات بتسليمتين. 208- عَنِ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ لَيْلَةً مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى فِى الْمَسْجِدِ، وَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلاَتِهِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَصَلَّى فَصَلَّوْا مَعَهُ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى فَصَلَّوْا بِصَلاَتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ حَتَّى خَرَجَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ. فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَىَّ مَكَانُكُمْ، وَلَكِنِّى خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا". فَتُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ. صلى رجال بصلاته، أي مقتدين به. عجز المسجد عن أهله، أي ضاق. لم يخف على مكانكم، أي مرتبتكم وحالكم في الاهتمام بالطاعة. 209- عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رضى الله عنها: كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: مَا كَانَ يَزِيدُ فِى رَمَضَانَ وَلاَ فِى غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّى ثَلاَثًا. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ. فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَىَّ تَنَامَانِ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِى. عبد الرحمن: ابن عوف الزهري. باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر 210- عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِى الْمَنَامِ فِى السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِى السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِى السَّبْعِ الأَوَاخِرِ. أروا: من الإراءة. السبع الأواخر: في رمضان، وقيل فيه أو في غيره. تواطأت، أي توافقت. التحري: القصد والاجتهاد في الطلب. باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر 211- عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِى الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ. الوتر، أي الليالي الفردية العدد، كليلة الحادي والعشرين، والثالث والعشرين. 212- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رضى الله عنهما- أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْتَمِسُوهَا فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ: لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فِى تَاسِعَةٍ تَبْقَى، فِى سَابِعَةٍ تَبْقَى، فِى خَامِسَةٍ تَبْقَى». في تاسعة تبقى...، أي ليلة إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، أو خمس وعشرين. باب العمل في العشر الأواخر من رمضان 213- عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ. المئزر: الإزار. وشد الإزار كناية عن اعتزال النساء، أو الاجتهاد في العبادة. أيقظ أهله: للصلاة والعبادة. |