|
باب في العتق وفضله 322-عن سَعِيدِ ابْنِ مَرْجَانَةَ صَاحِبِ عَلِىِّ بْنِ الحُسَيْنِ قَالَ لِى أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّارِ. قَالَ سَعِيدٌ ابْنُ مَرْجَانَةَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَى عَلِىِّ بْنِ الحُسَيْنٍ، فَعَمَدَ عَلِىُّ بْنُ الحُسَيْنِ - رضى الله عنه - إِلَى عَبْدٍ لَهُ، قَدْ أَعْطَاهُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَشْرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ-أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ - فَأَعْتَقَهُ. سعيد بن مرجانة: هو سعيد بن عبد الله، ومرجانة أمه، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث. على بن الحسين: هو زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. استنقذه، أي خلصه. الضمير في "منه": الأولى للعبد المعتق، وفي الثانية للمالك المعتق. فانطلقت به، أي بحديث أبي هريرة. عمد، أي قصد. أعطاه به، أي في مقابله. وفيه إشارة إلى أن الدينار كان إذا ذاك بعشرة دراهم.
323- عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه – قَالَ: سَأَلْتُ
النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم: أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِيمَانٌ
بِاللَّهِ، وَجِهَادٌ فِى سَبِيلِهِ. قُلْتُ: فَأَىُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ
أَعْلاَهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا. قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟
قَالَ: تُعِينُ ضَائِعًا أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟
قَالَ: تَدَعُ
النَّاسَ
مِنَ
الشَّرِّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بِهَا عَلَى
نَفْسِكَ. باب إذا أعتق عبداً بين اثنين 324- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِى عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ الْعَبْدُ عليه قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ، وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ. الشرك، بالكسر. النصيب. فكان له مال، أي للذي أعتق. قوم قيمة عدل، بأن لا يزاد من قيمته ولا ينقص. أعطاهم حصصهم، أي قيمة حصصهم. وبهذا الحديث احتج ابن أبي ليلى ومالك والثوري، والشافعي وأبو يوسف و محمد، في أن وجوب الضمان على الموسر خاصة دون المعسر، يدل عليه قوله: "وإلا فقد عتق منه ما عتق". وقال زفر: يضمن قيمة نصيب شريكه موسراً كان أو معسراً، ويخرج كله حرًّا، لأنه جنى على مال رجل فيجب عليه ضمان ما أتلف بجنايته. والحديث حجة على زفر. وانظر الحديث رقم319. باب الخطأ والنسيان في العَتاقة والطلاق ونحوه 325- عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه – قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِى عَنْ أُمَّتِى مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ. تجاوز لي، أي لأجلي. وسوست به صدورها، أي حدثت به أنفسها، و أصل الوسوسة الصوت الخفي. و "صدورها" روي بالرفع وبالنصب. مالم تعمل أو تكلم، أي مالم تنفذ ذلك العزم بالعمل في العمليات، والقول في القوليات. على أن العزم على المعصية مع توطين النفس مما يؤاخذ عليه المرء أيضاً، و أما المتجاوز عنه فهو الهم بالشيء لم يوطن نفسه عليه. ووجه تعلق الحديث بالترجمة قبله هو قياس الوسوسة، فكما أنه لا اعتبار لها عند عدم التوطين، فكذا العمل والتكلم. والناسي والمخطئ لا توطين لهما. باب بيع الولاء وهبته 326- عَنْ ابْنَ عُمَرَ- رضى الله عنهما: نَهَى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْوَلاَءِ وَعَنْ هِبَتِهِ. الولاء، أي ولاء المعتق. والولاء: حق إرث المعتق من العتيق. وقاعدة الشرع أن الولاء لمن أعتق، وألحق برتبة النسب. قال ابن بطال: أجمع العلماء أنه لا يجوز تحويل النسب، وإذا كان حكم الولاء حكم النسب فكما لا ينقل النسب لا ينقل الولاء. وكانوا في الجاهلية ينقلون الولاء بالبيع وغيرها، فنهى الشرع عنه. 327- عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها – قَالَتِ: اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ فَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلاَءَهَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ . فَأَعْتَقْتُهَا، فَدَعَاهَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا فَقَالَتْ لَوْ أَعْطَانِى كَذَا وَكَذَا مَا ثَبَتُّ عِنْدَهُ. فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا. بريرة: كانت وليدة لبني هلال. اشترط أهلها ولاءها، أي يكون ولاءها لهم. الورق، بكسر الراء وفتحها: الدراهم المضروبة. وفي رواية الترمذي: "لمن أعطى الثمن". وكان زوج بريرة عبداً يسمى مغيثاً، وانظر الحديث 249. باب عتق المشرك 328- عَنْ هِشَامٍ: أَخْبَرَنِى أَبِى أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ - رضى الله عنه - أَعْتَقَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ مِائَةَ رَقَبَةٍ وَحَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ، فَلَمَّا أَسْلَمَ حَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ وَأَعْتَقَ مِائَةَ رَقَبَةٍ، قَالَ: فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَصْنَعُهَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا؟ يَعْنِى أَتَبَرَّرُ بِهَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَسْلَمْتَ عَلَى مَاسَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ. هشام هنا هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام. حكيم بن حزام: ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى، وهو ابن أخى خديجة أم المؤمنين، أسلم يوم الفتح وله أربع وسبعون سنة. حمل على مائة بعير أي في الحج، لما روي أنه حج في الإسلام ومعه مائة بدنة قد جللها بالحبرة، ووقف بمائة عبد وفي أعناقهم أطواق الفضة، فنحر البدن وأعتق الجميع. أرأيت، أي أخبرني عنها وعن حكمها. أتبرر بها، أي أطلب بها البر والإحسان إلى الناس والتقرب إلى الله. وليس المراد بالحديث تقبل ذلك العمل في حال الكفر؛ بل إنه إذا أسلم انتفع بذلك الخير الذي فعله واكتسب طباعًا جميلة ينتفع بها في الإسلام، وتكون تلك العادة قد مهدت له معونة على فعل الخير. باب العبد إذا أحسن عبادة ربَّه ونصح سيدة
329-
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لِلْعَبْدِ
الْمَمْلُوكِ الصَّالِحِ أَجْرَانِ. وَالَّذِى نَفْسِى
بِيَدِهِ لَوْلاَ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّى،
لأَحْبَبْتُ
أَنْ
أَمُوتَ
وَأَنَا مَمْلُوكٌ.
والمعنى: ولولا القيام بمصلحة أمي في النفقة والمؤن والخدمة ونحو ذلك مما لا يمكن
فعله من الرقيق. وإنما استثنى أبو هريرة ذلك لأن الجهاد والحج يشترط فيهما إذن
السيد، وكذا بر الأم قد يحتاج فيه إلى إذن السيد في بعض وجوهه.
نعما: بفتح النون وكسرها مع كسر العين فيهما. ويروى: "نعم ما". وهي من عبارات المدح. و"ما" بمعنى الشيء، فالتقدير نعم الشيء، وانظر الحديث السابق. باب كراهية التطاول على الرقيق
331-
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: لاَ
يَقُلْ أَحَدُكُمْ أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ، اسْقِ رَبَّكَ. وَلْيَقُلْ
سَيِّدِى مَوْلاَىَ. وَلاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِى، أَمَتِى. وَلْيَقُلْ
فَتَاىَ
وَفَتَاتِى
وَغُلاَمِى. باب إذا أتاه خادمه بطعامه 332-عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ، فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ، أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، فَإِنَّهُ وَلِىَ عِلاَجَهُ. إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، أي فليجلسه معه. لقمة أو لقمتين: شك من الراوي، ورواه الترمذي بلفظ: "لقمة" فقط. أكلة أو أكلتين: عطف هذا على "لقمة أو لقمتين" للشك من الراوي، أو هو من باب العطف بالمرادف لأداء المعنى، وقد صرح بعضهم بجوازه في الرواية. وَلِيَ علاجه، أي مزاولته وممارسته من تحصيل آلات، وتحمل مشقة الحر والدخان عند الطبخ، وبذل الجهد في تهيئته وإنضاجه.
|