ألف باء الإسلام: صفحة البداية→ الأعلى

السيرة النبوية: *تهذيب سيرة ابن هشام

الحديث الشريف: *الألف المختارة من صحيح البخاري القرآن الكريم:  *المعجم الوجيز *التفسير الميسر

رسائل إحياء العقل المسلم

توعية

حملة اعرف دينك

تعليم

رسالة البعث رسالة الوعي رسالة العلم

رسالة الإيمان

للمبتدئين:  *ألف باء الإسلام  *تجويد القرآن *المصحف المعلم

*القرآن: من المتكلم؟ *فريضة على كل مسلم *غارة على عقل المسلم  *كيف نحيا مسلمين؟

للمثقفين: *علم نفسك الإسلام (عقيدة - أصول - عبادات - سلوك - معاملات سيرة)

القرآن معجزة الإسلام

هداية

للباحثين عن الحق

تعريف

البرهان في إعجاز القرآن: *الإعجاز البياني *السماء والأرض *علوم الحياة *متنوعات

برنامج هذا ديننا:

مختارات: *وجادلهم بالتي هي أحسن *القرآن والعلم الحديث *القرآن معجزة المعجزات

*الإسلام في سطور *لماذا نؤمن؟ *دعوة كل الأنبياء *كيف تدخل في الإسلام؟

 كتابْ التعبير

باب رُؤيا الصالحين

874- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ.

 الرؤيا: ما يرى فى النوم. والحسنة: الصالحة، وهي الصادقة التى تحقق. فكأنها وحي فى النوم يقابل وحي اليقظة. والمراد: من الرجل الصالح والمرأة الصالحة. والعدد فى "ستة وأربعين" أريد به الرمز فقط. فقد ورد فى أحاديث أخرى أربعة وأربعين، وخمسة وأربعين، وسبعين، وستة وسبعين، وخمسين، وأربعين، وستة وعشرين. 

باب الرُّؤيا من الله

 875- عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ.

أبو قتادة: هو الحارث بن ربعى الأنصارى. الصادقة: هي الصالحة. والحلم بضمة وبضمتين: ما يراه النائم من الأمر الفظيع المهول. قالوا: وأكثر من تصدق رؤاه من يتجنب الكذب، ولذلك الشعراء يندر جدا صدق رؤاهم.

876- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يُحِبُّهَا،
فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا، وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلاَ يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ.

فإنما هي من الشيطان: لأنه الذي يخيِّل فيها، أو أنها تناسب صفته من الكذب والتهويل. فإنها لا تضره أي: فإنها بذلك لا تضره، إذا استعاذ من شرها ولم يذكرها لأحد. 

باب المُبشِّرات

877- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الْمُبَشِّرَاتُ قَالُوا: وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ قَالَ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ.

مبشرات: جمع مبشرة، وهي اسم فاعل للمؤنث من التبشير، وهو إدخال السرور والفرح على المبشَّر، والمراد الرؤى المبشرة. والتعبير بالمبشرات خرج مخرج الغالب، وإلا فإن من الرؤى ما تكون منذرة مع أنها صادقة يريها الله لعبده المؤمن لطفا به، ليستعد لما يقع قبل وقوعه.

باب من رأى النبي صلى الله عليه وسلم فى المنام

878- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ، فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ، وَلاَ يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي. 

فسيراني فى اليقظة: يوم القيامة رؤية خاصة، فى القرب منه، أو معناه من رآني فى المنام، ولم يكن هاجر يوفقه الله للهجرة إليَّ والتشرف بلقائي. فتكون رؤيته فى المنام علما على رؤياه فى اليقظة. ولا يتمثل الشيطان بي: فكما منع الله الشيطان أن يتصور بصورته الكريمة فى اليقظة كذلك منعه فى المنام أن يتصور بصورته، كي لا يشتبه الحق بالباطل.

879- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ رَآنِي، فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَكَوَّنُنِي.

 لايتكونني أي: لايتكون كوني، فحذف المضاف. ومعناه أن الله تعالى وإن أمكن الشيطانَ أن يتصور فى أي صورة أراد فإنه لم يمكنه من التصور فى صورة النبي صلى الله عليه وسلم.

باب رؤيا الليل

880- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ الْبَارِحَةَ إِذْ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ حَتَّى وُضِعَتْ فِي يَدِى.

مفاتيح الكلم أي: اللفظ الموجز الذي يفيد المعانى الكثيرة، فشبه القليل بمفاتيح الخزائن، التى هي آلة للوصول إلى مخزونات كثيرة. الرعب: الفزع يقذف فى قلوب الأعداء. أي ينهزمون من عسكر الإسلام بمجرد الصِّيت، ويفرقون منهم. البارحة: اسم لليلة الماضية. خزائن الأرض: كخزائن كسرى وقيصر، أو معادن الأرض التى يؤخذ منها الذهب والفضة ونحوهما. حتى وضعت فى يدى: حقيقة، أو مجاز، فتكون كناية عن وعد الله له أن أمته تملك ذلك. وكذلك كان، فقد فتح الله لأمته ممالك كثيرة، قسموا أموالها، واستولوا على خزائن ملوكها. تنتقلونها: من النقل، وفى رواية: "تنتفلونها" بالفاء أي: تغتنمونها. وفى أخرى: "تنتثلونها" أى تستخرجونها، كاستخرجهم لخزائن كسرى ودفائن قيصر.

باب الرؤيا بالنَّهار

881- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا، فَأَطْعَمَتْهُ، وَجَعَلَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، وَهْوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَاسٌ مِنْ أمتي عُرِضُوا عَلَيَّ، غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ. شَكَّ إِسْحَاقُ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَه،ُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ. فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَاسٌ مِنْ أمتي عُرِضُوا عَلَيَّ، غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ. كَمَا قَالَ: فِي الأُولَى. قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ: أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ.

 فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ، فَهَلَكَتْ.

أم حرام بنت ملحان: وكانت خالته صلى الله عليه وسلم من الرضاع. كانت تحت عبادة أي: زوجة له. تفلي رأسه أي: تفتش شعر رأسه صلى الله عليه وسلم، لتستخرج ما يؤذيه. ثبج البحر: وسطه أو هوله. ملوكا على الأسرة أي: كالملوك على الأسرة. والأسَّرة: جمع سرير، وهو الذي يجلس عليه، ويضطجع. وكان ملوك العرب يجلسون على الأسرة. أنت من الأولين أي: من أول من يركب ثبج البحر. فى زمان معاوية أي: في زمان مغازيه في خلافة عثمان، ركبت مع زوجها في أول غزوة كانت إلى الروم. فهلكت أي: ماتت في الطريق بعد ما رجعوا من الغزو من غير مباشرة للقتال.

باب اللبن

882- عَنْ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ مِنْ أَظْفَارِى، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي. يَعْنِي: عُمَرَ. قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْعِلْمَ.

فى أظافيري: وفى رواية: "من أظفاري". الأظافير: جمع أظفور، وهو الظفر. وأرى هنا بصرية على المجاز، أو هي بمعنى العلم. فضلي أي: ما فضل، وبقي من لبن القدح الذي شربت منه. يعني عمر: عمر بن الخطاب، وفى باب (القدح فى النوم): ثم أعطيت فضلى عمر بن الخطاب". تصريحا.

باب القميص

883- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَمَرَّ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ. قَالُوا: مَا أَوَّلْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الدِّينَ ". 

قمص: جمع قميص، وهو الشعار تحت الدثار، والجلباب. الثدى: ويروى "الثُدِيَّ" بالجمع. والمراد قِصَرُه جدا بحيث لا يصل من الحلق إلى نحو السرة، بل فوقها. دون ذلك أي: دونه من الجهة العليا، فيكون أقصر، أو دونه من الجهة السفلى، فيكون أطول. قميص يجره: وذلك لطول القميص.

كأن سبوغ القميص ومدى ستره للابسه، سبوغ للدين وستر من النار.

باب الخَضَرِ فى المنام والرَّوضةِ الخضْراءِ

884- عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَابْنُ عُمَرَ، فَمَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ، فَقَالُوا: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَقُلْتُ: لَهُ إِنَّهُمْ قَالُوا: كَذَا وَكَذَا. قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ، إِنَّمَا رَأَيْتُ كَأَنَّمَا عَمُودٌ وُضِعَ فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ، فَنُصِبَ فِيهَا وَفِي رَأْسِهَا عُرْوَةٌ وَفِي أَسْفَلِهَا مِنْصَفٌ- وَالْمِنْصَفُ الْوَصِيفُ – فَقِيلَ: ارْقَهْ. فَرَقِيتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ. فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَمُوتُ عَبْدُ اللَّهِ وَهْوَ آخِذٌ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى". 

عباد: بضم العين وتخفيف الباء، كغراب. وهو أحد كبار التابعين، والحديث يعد من حديث عبد الله بن سلام. سعد بن مالك: وهو سعد بن أبى وقاص. ابن عمر: عبد الله بن عمر بن الخطاب. فقلت لهم: إنهم قالوا كذا: القائل قيس بن عباد، يقوله لعبد الله بن سلام حينما لقيه بعد ذلك. فى رأسها عروته أي: فى رأس العمود عروة. وأن العمود لإرادة معنى الدعامة. والعروة: ما يستمسك به، وأصلها فى عروة الدلو والكوز ونحوه أي: مقبضه. المنصف: بكسر الميم: الخادم، والوصيف. ارقه: الهاء للسكت؛ لإجماع النسخ على إسكان الهاء، ولو كانت للمفعول لضمت. فقصصتها أي: الرؤيا: قصها: رواها على وجهها، كأنه تتبع أجزاءها.

باب الإِسْتَبْرق ودُخولِ الجَنَّة فى المَنام

 885- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: "رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِي سَرَقَةً مِنْ حَرِيرٍ لَا أَهْوِي بِهَا إِلَى مَكَانٍ فِي الْجَنَّةِ إِلَّا طَارَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ، أَوْ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ ". 

الإستبرق: الديباج الغليظ، فارسي معرب، فارسيته "ستبره". السرقة، بالتحريك: واحدة السرق، وهي شقق الحرير البيض. لا أهوي: بضم الهمزة كما ضبطها ابن حجر والعيني، من الإهواء بالشىء، وهو الرمي به. وبفتح الهمزة فى جميع الأصول من قولهم: هوى أي: سقط. حفصة: أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب.

باب المرأَةِ السَّوداءِ

886- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - فِي رُؤْيَا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَدِينَةِ رَأَيْتُ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ، خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ، حَتَّى نَزَلَتْ بِمَهْيَعَةَ، فَتَأَوَّلْتُهَا أَنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ نُقِلَ إِلَى مَهْيَعَةَ، وَهِيَ الْجُحْفَةُ.

 ثائرة الرأس: أى منتفشا شعر رأسها. بمهيعة: وفى رواية: "مهيعة". فتأولتها أي: فسرتها وعبرتها. وفى رواية: "فأولتها".

باب إذا هزَّ سيفا فى المنام

887- عَنْ أَبِي مُوسَى أُرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: رَأَيْتُ فِي رُؤْيَا أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا، فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى، فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ، وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ.

أبو موسى: أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري. أراه أي: أظنه. والظان هنا هو البخاري أو شيخه محمد بن العلاء، شك هل تحمله مرفوعا؟ فانقطع صدره أي: تثلم (تشقق). وعند ابن إسحاق: "ورأيت فى ذباب سيفي ثلما". الفتح: يعني فتح مكة.

بابُ مَنْ كَذَب فى حُلْمِه

888-عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلُمٍ لَمْ يَرَهُ، كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ، وَلَنْ يَفْعَلَ، وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ، صُبَّ فِي أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبِ، وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ.

 

تحلَّم أي: ادعى أنه حلم حلما. شعيرتان: مثنى الشعيرة: واحدة الشعير. وهو كناية عن استمرار التعذيب. وإنما شدد الوعيد فى ذلك مع أن الكذب فى اليقظة قد يكون أشد مفسدة منه، إذ قد يكون فى قتل أو حد؛ لأن الكذب فى المنام كذب على الله أنه رأه ما لم يره. وهم له كارهون: وهم لذلك المستمع كارهون لا يريدون استماعه. الآنك: بضم النون: الرصاص المذاب. ومن صور صورة: صورة حيوانية. أن ينفخ فيها أي: ينفخ فيها الروح. وليس بنافخ أي: ليس بقادر على النفخ. فعذابه مستمر؛ لأنه نازع الخالق فى قدرته. 

باب مَنْ لم يَرَ الرُّؤيا لأَوَّل عابر إذا لم يُصبْ

889- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطِفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ، فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلاَ بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلاَ بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ، فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصِلَ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّي، فَأَعْبُرَهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اعْبُرْ. قَالَ: أَمَّا الظُّلَّةُ فَالإِسْلاَمُ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْطِفُ مِنَ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالْقُرْآنُ حَلاَوَتُهُ تَنْطُفُ، فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ تَأْخُذُ بِه ِفَيُعْلِيكَ اللَّهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمّ َيَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ، فَيَنْقَطِعُ بِهِ، ثُمَّ يُوَصَّلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ، فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا. قَالَ: فَوَاللَّهِ لَتُحَدِّثَنِي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ. قَالَ: لاَ تُقْسِمْ. 

 العابر: الذي يعبر الرؤيا: أى إذا كان العابر الأول للرؤءيا غير مصيب فى تعبيره كان وجها لتعبير لمن أصاب بعده، لا يتوقف تعبيرها على الأول الذي لم يحسن تعبيرها. الظلة: بضم الظاء: السحابة؛ لأنها تظل ما تحتها. تنطف بضم الطاء وكسرها أي: تقطر. يتكففون منها أي يأخذون بأكفهم منها. فالمستكثر والمستقل أي: فمنهم من يأخذ كثيرا، ومنهم من يأخذ قليلا. السبب: الحبل. بأبي أنت أي: أنت مفدي بأبي. أما الظلة فالإسلام: فكما أن الظلة نعمة من الله على أهل الجنة، وعلى بني إسرائيل، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كانت تظلله قبل نبوته، كذلك الإسلام يقي من الأذى. وينعم به المؤمن فى دنياه وآخرته. حلاوته تنطف: لأن فى العسل شفاء لأبدان الناس، وفى القرآن شفاء لما فى الصدور. فيعليك الله أي: يرفعك به. ثم يأخذ به رجل…ثم يأخذ به رجل…ثم…: يذكرون أنه يعني بهؤلاء الرجال الثلاثة نفسه، ثم عمر، ثم عثمان. وأخطأت بعضا: قيل: خطؤه أنه أقسم ليعبرنها فى حضرة الرسول، وقيل: لأنه عبر السمن والعسل بالقرآن فقط، فقد يراد بهما القرآن والسنة. قال: لا تقسم أي: لا تكرر القسم.

باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح

 890- عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ - رضي الله عنه – قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لأَصْحَابِهِ: هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا؟ قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ: ذَاتَ غَدَاةٍ إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِي: انْطَلِقْ. وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى.

 قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالاَ لِي: انْطَلِقْ انْطَلِقْ.

قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ – قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ أَبُو رَجَاءٍ: فَيَشُقُّ – قَالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى.

قَالَ: قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالاَ لِي: انْطَلِقْ.

 فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ – قَالَ: فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: - فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ – قَالَ: - فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوا.

قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلاَءِ؟ قَالَ: قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ - حَسِبْت ُأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِى ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ، فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا.

قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلا مَرْآةً، وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا، وَيَسْعَى حَوْلَهَا.

قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَا قَالَ: قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ.

 فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ لاَ أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولا فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَان رَأَيْتُهُمْ قَطُّ.

قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ مَا هَؤُلاَءِ؟ قَالَ: قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ.

 قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ لَمْ أَرَ رَوْضَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلاَ أَحْسَنَ. قَالَ- قَالاَ لِي ارْقَ فِيهَا. قَالَ: فَارْتَقَيْنَا فِيهَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ، فَاسْتَفْتَحْنَا، فَفُتِحَ لَنَا، فَدَخَلْنَاهَا فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ – قَالَ: - قَالاَ لَهُمُ: اذْهَبُوا، فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ. قَالَ: وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِى كَأَنَّ مَاءَهُ الْمَحْضُ فِي الْبَيَاضِ، فَذَهَبُوا، فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ – قَالَ: - قَالاَ لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ.

 قَالَ: فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا، فَإِذَا قَصْر ٌمِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ – قَالَ: - قَالاَ: هَذَاكَ مَنْزِلُكَ. قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا، ذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ. قَالاَ: أَمَّا الآنَ فَلاَ، وَأَنْتَ دَاخِلُهُ.

 قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ قَالَ: قَالاَ لِي: أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ: أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْه ِيُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ، فَيَرْفُضُهُ، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ.

 وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ.

 وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي. وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ، وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا.

 وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا، وَيَسْعَى حَوْلَهَا، فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ.

 وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم.

 وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ.

 قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ.

 وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطَرٌ مِنْهُمْ قَبِيحًا، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ. 

أبو رجاء. هو عمران بن ملحان العطاردي، أدرك زمن الرسول، ولم يره. توفى سنة 109 فى أول خلافة هشام، بعد أن عَمَّ أَزْيَدَ من مائة وعشرين سنة، كما فى تهذيب التهذيب. مما يكثر أن يقول لأصحابه: قال السيرافى فى شرح سيبويه: "والعرب تقول: أنت مما يفعل كذا أي: ربما تفعل"، تعليقا على قوله سيبويه: "اعلم أنهم مما يحذفون الكلام". وذكر القسطلاني أن "ما" فى "مما يكثر" موصولة، وأنها وضعت موضع "من" تفخيما، كقوله تعالى: "والسماء وما بناها" وقول العرب: "سبحان ما سخركن لنا". وابن هشام فى المغني فى باب (ما)، يجعل نحو هذا التعبير لإرادة المبالغة فى الإخبار عن أحد بالإكثار من فعل، كأنه خلق من هذا الفعل. فمعناه هنا من إكثار القول لأصحابه. قال: فيقص عليه…: القائل سمرة بن جندب. ذات غداة: لفظ "ذات" مقحم، أو هو من إضافة المسمى إلى اسمه. آتيان: قبل هما جبريل وميكائيل. ابتعثاني: أي أرسلاني وأنهضاني، وفى رواية: "انبعثا بي". يهوى: بضم الياء، وفتحها، كما سبق فى الحديث 885. يثلغ رأسه: أي يشدخه. والشدخ: كسر الشيء الأجوف. يتهدهد أي: يتدحرج، وفى رواية: "فيتدهده"، وأخرى "فيتجهدأ" وثالثة "فيتدادا". فلا يرجع إليه أي: إلى الذي تثلغ رأسه. ثم يعود عليه أي: على المضطجع. الكلوب والكلاب: حديدة معطوفة كالخطاف. أحد شقى وجهه: وجه المستلقى لقفاه. يشرشر: الشرشرة: القطع. فيشق أي: بدل: "فيشرشر". التنور: الموقد الذي يخبز فيه. اللغط: الجلبة والصيحة لا يفهم معناها. ضوضوا: صاحوا. فغره: فتحه. المـَرآة: بفتح الميم ومد الهمزة: المنظر. حش النار حشا: حركها وأوقدها. والمحش: ما تحرك به النار. معتمة: من الإعتام، وهي الطويلة النبات، أو التى غطاها الخصب والكلأ، كالعمامة على الرأس. النور: الزهر. وفى رواية: "لون الربيع". بين ظهريها أي: فى وسطها. وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط: أصل هذا التركيب: وإذا حول الرجل ولدان ما رأيت ولدانا قط أكثر منهم. ولما كان التركيب متضمنا معنى النفي جاز زيادة "من"والإيتان بكلمة "قط" التي تختص بالماضي المنفي. أرق: من الرُقي، وهو الصعود. اللبن: ككتف جمع لبنة، وهو المضروب من الطين مربعا. شطر الشيء: بفتح الشين: نصفه. والجمع أشطر وشطور. المحض: اللبن الخالص. السوء: القبح. العدن: الإقامة. سما بصري صعدا أي: ارتفع عاليا. الربابة: واحدة الرباب، وهو السحاب أو السحاب الأبيض. ذراني أي: اتركاني. وأنت داخله أي: وستدخله فى الحياة الأخرى. فيرفضه: بضم الفاء وكسرها أي: يتركه. المكتوبة: المفروضة. يغدو: يخرج غدوة، وهي ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس. الكذبة تبلغ الآفاق أي: تنتشر وتذيع بما فيها من مفاسد ومضار. ولما كان الكذاب يتساعد أنفه وعينه ولسانه عل الكذب، وقعت المشاركة بينها فى العقوبة. وأما…العراة فإنهم الزناة: إنما جعلوا عراة مقابلة لما كانوا عليه فى أفعالهم. وعوقبوا من أسفل منهم لأن ذاك موضع جنايتهم. إلقام الحجارة آكل الربا: إشارة إلى أن رباه لا يغني عنه شيئا: "يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبي الصَّدَقَات". مالك خازن جهنم: إنما جعل كريه المنظر لأن فيه زيادة فى عذاب أهل النار. وأما الولدان أي: فمكانهم الجنة. الذين كانوا شطر منهم حسنا: وفى رواية: "شطرا منهم حسنٌ"، وأخرى: "شطر منهم حسن". وشطر منهم قبيحا وفى رواية: "وشطرا منهم قبيح".