فريضة على كل مسلم
(رسالة العلم)
لنطبق منهجه وأحكامه
لنؤدي واجب الدعوة
أول
ما نزل به الوحي من القرآن:
وهو المقصود من هذه
الآية، ومثلها:
بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا
إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ
مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ
وفى الحديث :
((مَنْ
يُرِد اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في
الدِّين)) (البخاري ومسلم)
((أَفْضَلُ
العِبادَةِ الفِقْه)) (الطبراني)
((مَنْ
سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغى فيه عِلْمًا
سَهَّلَ اللهُ به طَريقًا إلى الجَنَّة ،
ومَنْ أَبْطَأَ به عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ به
نَسَبُه)) (مسلم)
((مَنْ
جاءَ مَسْجِدي هذا، لَمْ يَأْتِهِ إلاّ
لخَيْرٍ يَتَعَلَّمُهُ أو يُعَلِّمُه، فهو
في مَنْزِلَةِ الْمُجاهِدِ في سَبيلِ الله))
(ابن ماجه والحاكم)
((ما اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيوتِ اللهِ يَتْلونَ كِتَابَ اللهِ ويَتَدارَسونَهُ فيما بَيْنَهُمْ إلاّ نَزَلَتْ عَلَيْهِم السَّكينَةُ
وغَشِيَتْهَمُ الرَّحْمَةُ وحَفَّتْهَم
الملائِكةُ وذَكَرَهُم اللهُ فيمَنْ عِنْدَه))
(مسلم)
((وإنَّ
فَضْلَ العــالِمِ علـــى العابِدِ كفَضْلِ
القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ علــى سائِرِ
الكواكِب)) (الأربعة وأحمد وابن حبان)
((خَيْرُكُمْ
مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَه))
(البخاري)
فالعلم المفروض- فرضَ عين
- على كل مسلم هو:
العلم
بالقرآن والسنة وفهم ما يستنبط منها من فضائل
وأحكام، وحقائق وتصورات.
أما
سائر العلوم والفنون فهي:
إما
علوم يبصر بها المؤمن روعة الخلق وإعجاز
الخالق، كالتي تشير إليها الآية:
وَمِنَ الْنَّاسِ وَالدَّوَآبِّ
وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ
عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ
عَزِيزٌ غَفُورٌ
أي كل العلوم الطبيعية؛
وهى
معارف واجبة، على المسلم
أن ينهل منها
ليزداد إيماناً
ويقينا لأن:
((الكلِمَةُ
الحِكْمَةُ ضالَّةُ الْمُؤْمِنِ فحَيْثُ
وَجَدَها فهو أحَقُّ بها)) (الترمذي)
وإما علوم وفنون نافعة للأمة ؛ كالتقنيات بأنواعها زراعية وصناعية ومعلوماتية وطبية؛ فهي فرض كفاية على أمة المسلمين
بحيث يتخصص كل مسلم في شيء منها، وإلا أثمت
الأمة كلها؛ وهى من قبيل أمره تعالى بإعداد القوة لردع كل من يهدد أمة الإسلام:
ولتتحقق
العزة التي أرادها الله لأمة الإسلام :
المسلم الحق (لا ادّعاءً بالوراثة أو ببطاقة الهوية) هو من آمن: أن الله الواحد الأحد قد أرسل بالهدى ودين الحق محمدًا صلى الله عليه وسلم -
خاتم الأنبياء والمرسلين - إلى الناس أجمعين، وأن تستقر هذه الحقيقة في قلبه بعد أن يقتنع عقله بالآيات والأدلة التي تثبت استحالة أن يكون القرآن الكريم
من عند غير الله، سواء لإعجاز بيانه الذي لا ولم يَسْمُ إليه نص بشري (حتى حديث مبلغه صلى الله عليه وسلم) ، وسواء في صدق أخباره ونبوءاته،
ودقة تعبيره العلمي عن حقائق الكون في فضائه الممتد وفي أدق مخلوقاته، وسواء أيضا
في حكمة تشريعه الأمثل، ودقة تحليله للنفس البشرية وتأثيره فيها.
ويقتضي ذلك ويستوجب: أن يفتح المسلم قلبه وعقله لذلك الكتاب ليتذوق ويدزك جوانب عظمته– نصا وموضوعا – وسموه ومغايرته لأي نص بشري،
ثم أن يفهم ويتبع ما جاء به من هداية وعظات، وأوامر ونواه؛ ثم يتزود و يتحرى و يطيع ما سنه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم –
في قوله وفعله وتقريره – تبيانا و تفصيلا للذكر الحكيم.
ولا يتحقق إيمان من ينتسب إلى الإسلام ويشهد بلسانه: أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً عبده ورسوله الخاتم؛
دون
أن يكون على وعي وبصيرة بما شهد عليه، وإلا كاد أن
يكون شأنه كالذي نزل فيهم قوله تعالى:
}وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمُ وَمَا يَشْعُرُونَ{
كما
جاء في الحديث الشريف :
((لا
يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يكونَ هَواهُ
تَبَعًا لما جِئْتُ به))
(البغوي)
فالإيمان
الصادق إذن لا يتحقق دون معرفة ما جاء به صلى
الله عليه وسلم حق المعرفة .
الإسلام منهج شامل متكامل للفكر والاعتقاد والخلق والسلوك، والعبادة والعمل، وعلاقات الأفراد والجماعات، ودراسة المنهج
هي بداية الطريق
للالتزام الصادق الدقيق بكل ما أمر به الله
ورسوله من فضائل وأحكام، واجتناب ما نهى عنه
الله ورسوله من رذائل ونواهٍ.
ألا ترى أن من يعمل أجيرا لدى بشر أو مؤسسة بشرية يحرص على معرفة واجبات عمله، ونظمه ولوائحه، وما يستوجب ثوابه وعقابه،
فما بالنا برب العالمين، أنزيغ عن منهجه الحكيم إلى ضلالات البشر وأهوائهم وغرورهم؟ أم نمضي في أمورنا كلها على بصيرة بكل ما شرع،
ونمتثل لأحكامه مخبتين إليه:
((تَرَكْتُ
فيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا
بَعْدَهُما: كتابُ اللهِ وسُنَّتي، ولَنْ
يَتَفَرَّقا حتى يَرِدَا عَلَىَّ الحَوْض))
(الحاكم).
((وإنَّهُ
مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فسَيَرَى اخْتِلافًا
كثيراً، فَعَليْكُمْ بسُنَّتي وسُنَّةِ
الخُلَفاءِ الرَّاشِدينَ المَهْدِيِّينَ
عُضُّوا عَلَيْها بالنَّواجِذ)) (أبو داود
والترمذي).
* فرض الله على أمة الإسلام أن تكون مصابيح هداية، تجاهد لنشر دعوة الحق في كل مكان ولكل جيل، سواء على مستوى الفرد في أسرته وعشيرته،
أو على مستوى الأمة المسلمة، ويقتضي ذلك: الفهم الواضح والمعرفة الشاملة لما ندعو
إليه:
وفى
الحديث
:
((نَضَّرَ
اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقالَتي فَوَعاها،
ثُمَّ بَلَّغَها عَنِّى فرُبَّ حامِلِ
فِقْهٍ غَيْرِ فَقيه، ورُبَّ حامِلِ فِقْهٍ
إلى مَنْ هو أَفْقَهُ مِنْه)) (أحمد وابن
ماجه)
((يا أبا ذَرٍّ لأَنْ تَغْدو فتُعَلِّمَ آيَةً مِن كِتابِ اللهِ خَيْرٌ لَكَ من أَنْ تُصَلِّيَ مائةَ رَكْعَة، ولأَنْ تَغْدو فتُعَلِّمَ باباً من العِلْمِ عُمِلَ به أو لَمْ يُعْمَلْ بِهِ
خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ
تُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَة)) (ابن ماجه)
((ليُبْلِغِ
الشَّاهِدُ الغائِبَ فإنَّ الشَّاهِدَ عَسَى
أَنْ يُبْلِغَ مَنْ هو أَوْعَى مِنْه)) (متفق
عليه)
كَانُواْ لاَ
يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنْكَرِ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ
و
فى الحديث :
((مَنْ
سُئِلَ عن عِلْمٍ فكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ
اللهُ يَوْمَ القِيامَةِ بِلِجامٍ من نار))
(الأربعة وأحمد والحاكم)
((مَثَلُ
الّذي يَتَعلَّمُ العِلم ، ثم لا يُحَدِّثُ
به ، كمَثَلِ الذي يَكْنِزُ فلا يُنْفِقُ منه))
(الطبراني)
عن أبى هُرَيْرَة: إِنَّ النَّاسَ يقولون: أكْثَرَ أبو هُرَيْرَة ولَوْلا آيَتانِ في كتابِ اللهِ ما حَدَّثْتُ حَديثا ، ثم يَتْلو:
في
يوم القيامة :
يحاسَب
المرء حسابا دقيقاً عادلا على كل ما بدر منه
من خير أو شر، طاعة أو معصية، كبيراً أو
صغيراً، لقوله تعالى:
وفي
الحديث:
((لا تَزولُ قَدَما عَبْدٍ يَوْمَ القِيامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أرْبَع: عَنْ عُمُرِه فيمَ أَفْناه؟ وعن شَبابِهِ فيمَ أَبْلاه؟ وعن مالِهِ من أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيمَ أنْفَقَه؟
وعن عِلْمِهِ ماذا عَمِلَ فيه؟)) (الترمذي)
فكيف ينجو من عذاب الله ويفوز برضاه ونعيمه من لا يعرف تحديدا ولاتفصيلا: ما الخير وما الشر في ميزانه تعالى؟
وكيف يطيعه ويتجنب الوقوع في عصيانه؟
لا سبيل لنا جميعا إلا أن نتعلم الإسلام صادقين لنعمل به مخلصين، لا نبتغي به إلا رضا رب العالمين،
وفى الحديث: ((فَقيهٌ واحِدٌ
أَشَدُّ على الشَّيْطانِ مِنْ أَلْفِ عابد))
(الترمذي)
إن تعلّم الإسلام على أكمل وجه ممكن ؛ والإحاطة بأكبر قدر من فهم معاني ومرامي القرآن الكريم والحديث النبوي الصحيح، ليس ترفا عقليا،
أو
ثقافة يتزين بها المرء، أو جدلا فكريا يتشدق
به المتشدقون، وإنما هو:
1-
امتثال لأمر الله ورسوله.
2-
ضرورة لبناء الإيمان الصادق.
3-
شرط ومقدمة للعمل بهدي الإسلام وتطبيق أحكامه.
4-
أساس للقيام بواجب الدعوة والأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر.
5-
ضرورة المصير- الذي ما بعده مصير- إلى الجنة أو
إلى النار.
وسيُسأَلُ كل منا ويحاسب- يوم البعث والحساب- عن مدى علمه بالإسلام وعمله به ودعوة غيره إليه.
ولا عذر لمن استطاع أن يتعلم الإسلام فلم
يكترث.