|
القـــــــــرآن والعلم الحديث تقديم 1 2 3 4 5 6 7 8(5)في خلْق الإنسان !
عندما يتحدث القرآن عن نشأة الجنين يأتي بآيات لا يُحْسِنُ تفسيرها إلا علماءُ الأجنة ؛ ولم يكن ذلك متيسّرًا للأقدمين قبل تطور "علوم البيولوجيا" ؛ وخاصة قبل اختراع المجاهر (الميكروسكوبات) ، ويستحيل أن يأتى رجل في القرن السابع الميلادس بهذه الآيات إلا بوحي فوق مستوى البشر ؛ إذْ لم تعرف البشريّة – لا في بلاد العرب ، ولا الشرق الأوسط ، ولا أوروبا حينئذ – شيئًا من هذه المعارف . ومن حسن حظ العلماء المعاصرين الذين جمعوا بين فهم القرآن والدراية بالعلوم الحديثة أن يلمسوا بوضوح مدى التطابق بين النص القرآنى والمعارف الحديثة . تعليق لا يُنْسى ! : ولا أنسى تعليقًا لشابٍّ مسلم في الثانية عشرة من عمره، نشأ في السعودية، تعليقًا على ما جاء في القرآن حول "الحمل والولادة"، حيث قال : "إننا نجد في هذا القرآن – كما تعلمنا في مدارسنا – مصدرًا للمعارف الأساسية حول الحمل والولادة بدقة ووضوح لا تصل إليها المناهج الغربية المتقدمة" . موضوع الحمل والولادة يُبرز مدى التباين بين دقة المفاهيم القرآنية وبين الأساطير والخرافات: وموضوع الحمل والولادة – بالذات – يُبْرز لنا مدى التباين بين دقة المفاهيم العلميّة بالقرآن الكريم، وبين الأساطير والخرافات السائدة وقت نزول القرآن، بل وبعده بكثير(27)، مما يبعث على الانبهار بالقرآن لاتفاقه مع العلوم الحديثة ، ولخلوه من أي شائبة من الأفكار السائدة وقت التنزيل .
وسنخص بالشرح موضوع "طبيعة السائل المنوي" وما نعرفه الآن من أن الحمل يبدأ بنقطة صغيرة (نطفة) متناهية الصِّغَر من كل السائل المنوي، لتبدأ منه السلالة(28) !!
ثم يشير القرآن بعد ذلك إلى تعلق بويضة الأنثى المخصبة بجدار الرحم باللفظ الدقيق : " العلق أو العلقة" (29)، في آيات عدة أشهرها: آية سورة العلق: ) خَلَقَ الإنْسانَ مِنْ عَلَقٍ ( [العلق: 2] .
ولا أعتقد أن ثمة لفظ أدق من هذه الكلمة في وصف وضع الجنين داخل الرحم بإيجاز بليغ، ووصف دقيق، وكلمات واضحة، ينطبق كل منها على مرحلة من مراحل نمو الجنين؛ مثلما نجد في "سورة المؤمنـون" : )ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَــةَ عِظَامًــا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَـرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَـالِقِيـن( [ المؤمنون : 14] ولفظ "المضغة" (30) : يعبر تمامًا عن شكل الجنين في إحدى المراحل ، وفي مرحلة تالية تبدأ العظام في التشكل من داخل المضغة قبل أن تكسوها العضلات (اللحم) تدريجيًا .
وخلال نمو الجنين، يمر بمرحلة تبدو فيها بعض الأعضاء وقد اتخذت شكلها النهائي، بينما لم تتضح بقية معالم الجنين بعد، ولعل هذا هو المقصود بعبارة "مُخَلقة وغير مُخَلّقة" (31) في سورة الحج، حيث يقول ربنا سبحانه : ) فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَة( [ الحج : 5] .
وأخيرًا نجد الإشارة إلى خلق الحواسّ والأعضاء كما جاء في سورة السجدة ، حيث يقول ربنا جل وعلا : ) وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَار وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ( [ السجدة : 9] ؛ وفي كل هذه الآيات التي عرضناها لا نجد ثمة ما يتعارض مع العلم الحديث ؛ كما لا نجد أثرًا للمفاهيم البشرية الخاطئة ! (32)
|