|
القـــــــــرآن والعلم الحديث تقديم 1 2 3 4 5 6 7 8(7)قصة سيدنا موسى – عليه السلام – ووقائع خروجه من مصر :
نتطرق بعد ذلك لقصة سيدنا موسى – عليه السلام – وخاصة وقائع خروجه مع بني إسرائيل من مصر هربًا من بطش فرعون . وألخص بسرعة ما جاء في كتابي (37) حول هذا الموضوع حيث حدَّدْت – بشيء من التفصيل- نقاط الاتفاق ، ونقاط الاختلاف بين القرآن الكريم ، والكتاب المقدس .
وبينت أن في هذه القصة نوعًا من التكامل في التفاصيل بين ما جاء بالكتابين . وقد ناقشت الآراء المختلفة حول "فرعون الخروج" والتي رجحت بشدة : أن خروج موسى – عليه السلام – وبني إسرائيل ، كان في عهد "الملك منفتاح" خليفة "رمسيس الثاني" . ويؤكد ذلك مضاهاةُ النصوص التاريخية بالآثار الفرعونية، وتتفق هذه الأفكار مع ما جاء بالتوراة من نصوص تدل على أن موسى – عليه السلام – قد ولد في عهد "رمسيس الثاني" الذي مات إبّان حياة موسى – عليه السلام – بمصر ، وبالتالي فإنه يمكن الاعتداد برواية التوراة في هذا الجزء من تاريخ موسى – عليه السلام . الفحص الطبي لمومياء منفتاح : ومن ناحية أخرى فإن الفحص الطبي لمومياء منفتاح يلقي مزيدًا من الضوء حول ملابسات موت ذلك الفرعون ، وقد بقيت هذه المومياء حتى يومنا هذا شاهدًا تاريخيًا هامًا، منذ اكتشافها عام 1898 م . وقد قطعت الدراسات الطبية باستحالة بقاء جثة ذلك الفرعون في الماء مدة طويلة قبل تحنيطها(38) ، وهذا دليل على مدى الاتفاق بين ما جاء بالقرآن الكريم ، وبين المعارف الحديثة ، فقد تعرض القرآن الكريم لمصير جثة فرعون حيث أكد بقاءها وحفظها – رغم غرقه – لتكون عبرة للأجيال كما جاء في سورة يونس: ) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُون( [ يونس : 92].
أما الكتاب المقدس فقد أكد غرق فرعون أثناء مطاردته موسى دون التعرض لمصير جثمانه(39) .
ترجع التناقضات بين الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد في جانب ، وبين القرآن والعلم الحديث في الجانب الآخر، إلى التباين في المصدر وملابسات التدوين لكلا الكتابين ؛ فبينما يضم العهد القديم مجموعات من تراث الأدب الشعبي والديني والتاريخي لبني إسرائيل ، وضعه وعدله البشر طوال تسعة قرون، كما يضم العهد الجديد الأناجيل الأربعة التي وضعها : متى ولوقا ومرقس ويوحنا، إلى جانب رسائل بولس وغيرها ؛ فإن القرآن قد سلم – منذ نزوله – من تدخلات البشر ؛ فمن بداية نزول الوحي كان النبي – صلى الله عليه وسلم – والمسلمون معه يحفظون ما ينزل منه آية آية عن ظهر قلب ، ويدونونه، قبل جمعه وترتيبه في حياة محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى وصل إلينا اليوم كيوم نزل بلا تحريف ولا تعديل . المكانة الفريدة للقرآن ! وختامًا فإن مقارنة القرآن الكريم بمستوى المعارف السائدة في القرن السابع الميلادي (عصر نزول القرآن) ليدفع أي عالم منصف إلى القطع باستحالة أن يكون القرآن من وضع محمد - صلى الله عليه وسلم ، ويؤكد المكانة الفريدة للقرآن بين سائر النصوص: ككتاب تلقته البشرية نصًّا يفوق مستوى معارف عصره ؛ لم يأت بشر فيه بحرف ، أو كلمة ، أو عبارة من صنعه .
|