|
الكتاب المقدس: كلام من؟ ... ومن؟ العهد الجديد (١)
"الأناجيل" الأربعة بعد عرضنا وتحليلنا لسياق الخطاب في نصوص أسفار العهد القديم المشترك بين اليهود والنصارى (39 سفرا)، وإثباتنا أن أيا منها لا يصلح و لا يصح أن يكون وحيا مباشرا من الله تعالى ، ولا أن أيا منها يدعي في سياقه من بدايته أنه كلام الله بل هو رواية كاتبيه لقصص أنبياء وحكماء وملوك بني إسرائيل؛ ننتقل إلى أسفار العهد الجديد بداية بما يسمى الأناجيل الأربعة لمتى ومرقس ولوقا ويوحنا. ونقول "بما يسمى" لأنها لا علاقة لها بالإنجيل الذي أنزل على المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام؛ بل هي أربع روايات لسيرة وحياة المسيح منسوبة إلى كتابها. الجدير بالذكر أن تسمية هذه السير الأربعة "بالأناجيل" تنفرد بها الترجمة العربية لكتب العهد الجديد التي تمت في القرن العاشر الميلادي أي بعد ظهور الإسلام،
ولا
توجد في أي لغة أخرى فهي مترجمة عن كلمة
Gospel
أي "بشارة" . والدافع لذلك لدى المترجمين النصارى العرب مفهوم! 1- إنجيل متى
نبدأ بإِنْجِيلُ مَتَّى الذي يبدأ "بسلسلة ميلاد المسيح" كالآتي: 1كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ: 2إِبْراهِيمُ وَلَدَ إِسْحاقَ. وَإِسْحاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ. 3وَيَهُوذَا وَلَدَ.......16وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ
مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ.
من المدهش أن نهاية السلسلة تفضي إلى "يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ"، أي أنها سلسلة نسب يوسف النجار خطيب مريم العذراء وليس نسب المسيح من أمه البتول! 2- إنجيل مرقس الأناجيل الأربعة - كما أشرنا في تقديم إنجيل "متى" - لا علاقة لها بالإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام والذي يؤمن به كل مسلم. بل هي روايات أربعة لسيرة المسيح على لسان كاتبيها. ونوهنا أنها - فيما عدا الترجمة العربية - لا تسمى أناجيل بل "بشارات" بمجيئ وحياة المسيح. وهذا ما يتضح في ثاني "الأناجيل" إنجيل "مرقس" الذي يبدأ بتبشير نبي الله يحيى (يوحنا المعمدان) بمجيئ المسيح، ثم تعميده إياه في نهر الأردن. سيرة المسيح وشأنه مع يحيى – سيرة نبيين من أنبياء البشر رويت منسوبة إلى "مرقس"! أما من هو مرقس فهناك خلاف حول: هل هو أحد الحواريين السبعين؟ أم أنه شخص مصري بهذا الاسم، أم مرقس ابن عم برنابا الحواري؛ أم أنه كان أحد رفاق بطرس
بروما، ويعتقد أنه
قد كتب حوالي عام 70 بإحدى الكنائس اليونانية في سوريا أو آسيا الصغرى، وترى دائرة
المعارف البريطانية أن كاتب إنجيل مرقس مجهول! 1- بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللهِ،2كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ:«هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي، الَّذِي يُهَيِّئُم طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. 3صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ، اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً». 4كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ فِي الْبَرِّيَّةِ وَيَكْرِزُ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا. 5وَخَرَجَ إِلَيْهِ جَمِيعُ كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَأَهْلُ أُورُشَلِيمَ وَاعْتَمَدُوا جَمِيعُهُمْ مِنْهُ فِي نَهْرِ الأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ. 6وَكَانَ يُوحَنَّا يَلْبَسُ وَبَرَ الإِبِلِ، وَمِنْطَقَةً مِنْ جِلْدٍ عَلَى حَقْوَيْهِ، وَيَأْكُلُ جَرَادًا وَعَسَلاً بَرِّيًّا. 7وَكَانَ يَكْرِزُ قَائِلاً:«يَأْتِي بَعْدِي مَنْ هُو أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَنْحَنِيَ وَأَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. 8أَنَا عَمَّدْتُكُمْ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ».9وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ
وَاعْتَمَدَ مِنْ يُوحَنَّا فِي الأُرْدُنِّ. 3- إنجيل لوقا
وهذا "إنجيل" لُوقَا يعلن على لسان كاتبه عزمه أن يدلي بدلوه في سرد سيرة المسيح -
كغيره الذين
"قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ
عِنْدَنَا"، نقلا عن من
ثم يهدي كتابه هذا إلى صديقه
"الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ". فهل بعد
هذا يصح أن ينسب هذا "الإنجيل" إلى وحي السماء أو إلى الإنجيل المنزل على المسيح
عيسى ابن مريم عليه
1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ
الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ
الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ
قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ 4- إنجيل يوحنا أما "إنجيل" يوحنا فبدوره يعلن عن مصدره البشري:
وكاتبه هذا - كغيره من كتاب "الأناجيل" - لا يعرف على وجه الدقة، وهذا "الإنجيل" (الذي هو كغيره في جوهره سرد لسيرة المسيح وليس - ولو ادعاء – وحيا من السماء) يختلف اختلافا بينا عن الأناجيل الثلاثة الأخرى في اتجاهه إلى تأليه المسيح، حتى أن بعض الباحثين يرى أنه قد كتب خصيصا لتعزيز هذا الاتجاه، وقد ألقى التحليل التاريخي لنصوصه ظلالا من الشك حول حقيقة كاتبه. وترى دائرة المعارف البريطانية أن كاتبه ليس يوحنا الحواري؛ بل يعتقد أن كاتبه دارس بكنيسة
الإسكندرية المتأثرة بالفلسفة الإغريقية ومقولاتها بتعدد الآلهة. هذا ما كان من شأن "الأناجيل" الأربعة وكتابها من البشر المعروفين أو المجهولين - ودعك مما بها من اختلافات وادعاءات لا مجال لسردها هنا. |